الجمعة، 25 أكتوبر 2013

العيد في الاعظمية

عادات أهلنا في العيد كما شاهدناها وتعايشنا معها ومارسناها في الزمن الجميل..



طقوس وعادات وتقاليد جميلة فيها الفرح والترابط والتزاور .
المحلات في الأعظمية :- الشريط الأخضر وحكمت جيتانو والخياط سامي السامرائي ومحلات مجيد ونة وأقمشة يوسف محمد طه..، كل يعرض ألبسته وأحذيته وأقمشته مع وجود خصومات لجلب الزبائن وتحفيزهم للشراء، فيقوم الرجال وحسب ميزانيتهم وأذواقهم بشراء الألبسة الجاهزة أو التفصيل عند الخياطين والخياطات والأحذية له ولزوجته ولأولاده بنيناً وبناتاً فالملابس الجديدة جزء من العيد.. وأصبحت الشورجة في هذا الحدث لشراء مستلزمات العيد الغذائية فقط ويخفت نوعاً ما بريقها... والرجال والأولاد يزورون محلات الحلاقة لقص وتهذيب الشعر حيث تبقى محلات الحلاقة مفتوحة طوال اليوم والى ساعات متأخرة، وليلة العيد الى الصباح ولآخر زبون، أما النساء والبنات فيستعرضن تفننهم بنظافة البيت وجعله ورد كما يعبرون عنه... ويقومون بصنع الكليجة بكافة أنواع الحشوات من الجوز المبروش والسمسم والتمر والسكر والهيل الذي هو رمز سعادتهم وفرحهم، وهذه العادات والتقاليد لا تختلف في كافة مدن العراق بل حتى في أريافها، وهنا نتخوف أن تتغير هذه العادات والتقاليد المتوارثة وأن يصيبها خطر الأنقراض في ظل العولمة وتغير طباع الناس حسب مستجدات التغيير المستوردة، وعند أعلان بشرى العيد الذي أشعر وتغنى به الكثيرين منذ أجيال، وفي تلك اللحظات يتغنى البغداديون شأنهم شأن المحافظات الأخرى بترديد أغنية أم كلثوم ياليلة العيد وأغنية الفنان ناظم الغزالي أي شيء في العيد أهدي أليك..، ويبدأ الأنشراح والفرح والمرح.في صباح العيد المبكر كثير من الرجال والأولاد يخرجون لأداء صلاة العيد ويلتحق بعض من النساء لزيارة المقابر مع رجالهم وأولادهم لقراءة الفاتحة على موتاهم، بعدها الجميع يتهنى بألذ أفطار للعائلة بعد مراسيم التهنئة، النساء يبدأن في تجهيز طعام العيد والتفنن في أعداده أبتداءً من الفطور... الكاهي والقيمر والعسل و الدبس والبيض والجبن والزبد والكليجة بأنواعها والشاي المهيل في جو جميل وعائلي بهيج، والأطفال والأولاد يريدون أنهاء الفطور بالسرعة لكي يلبسوا ملابسهم الجديدة وينظروا الى أبائهم الذي يدخل الى قلوب الأولاد بأعطائهم العيدية وتراه فرحاً مبتسماً بتقديمها، ويبقى الأطفال والأولاد هم الرابحون، النساء والبنات يتزين ويتجملن وهم بدورهم بأنتظار العيدية.. وأول من يطرق باب الدار هم الجرخجي والمسحراتي والزبال وأحياناً البوسطجي وعامل الكهرباء والتلفون بالرغم من أن كثير من العوائل كانت لا تملك تلفوناً، وبعض من الفقراء بأنتظار الكليجة والعيدية، بعدها يبدأ مشوار التمتع بأيام العيد خارج البيت وأول ما يقوم به الرجال بزيارة جيران المحلة ليتبادلوا تهاني العيد، والنساء أيضاً يتبادلن الزيارات في غياب الرجال، لنتكلم عن واقع تعايشنا معه ومارسنا لهونا ومسراتنا في أيام الطفولة والولدنة في الأعظمية أحدى درر بغداد ولا أظنها تختلف عن باقي مناطق العاصمة والمحافظات الأخرى لممارساتها للأعياد بالأضافة لما تحويه من طيبة وبساطة وسعادة وخير من الصعب أن نراه الآن في ظل ما حصل من تدمير وتخريب ومآسي ما خلفته أيدي وصانعي الأحتلال ومن أشترك معهم وبكل مقاييس العمالة والدناءة والذين إبتعدوا عن حب الوطن وأصالته.
في محلات الأعظمية توجد أماكن ترفيهية مليئة بالمبادرات والتنوع لتقديم أجمل لحظات الترفيه للأطفال والأولاد والشباب وحتى الكبار نذكر منها:-
*- النادي الملكي (الأولمبي) يقع النادي في ساحة عنتر، تقوم الهيئة الأدارية بأتخاذ الترتيبات والوسائل لتزين النادي وتهيئته لمواسم الأعياد فتكون هناك الدومبلة، وطاولات كرة المنضدة وأكشاك لعب الجوائز، وأحياناً مسرح صغير لفعالية القرقوز المحبوبة جداً للأطفال، وجر الحبل وغيرها، ويبدأ كرنفالها من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الثامنة مساءً، فترى الأطفال والأولاد والشباب وبألبستهم الجديدة والجميلة يمارسون مختلف الألعاب وكلها بأشراف ومراقبة الهيئة الأدارية المتكونة من شخصيات رياضية وشخصيات عسكرية ومدنية، في أيام العيد يحصل تعارف بين الجنسين وبحدود أنساني طبيعي لاتشوبها أية ممارسات غير أخلاقية، وفي باب النادي يتوزع با ئعي العنبة واللبلبي والشلغم والدوندرمة والجرزات وكل حسب مواسمه.
*- نادي الأعظمية في الشارع المؤدي الى المقبرة الملكية، يتميز النادي بكثرة رواده وهو أكثر شعبية من النادي الملكي نظراً لسهولة الأنتماء له، مع ذلك كلا الناديين أحتوى على خيرة اللاعبين الذين أنجبهم العراق في المصارعة والملاكمة وكرة السلة وكرة الطائرة والسباحة وغيرها من الألعاب الفردية والجماعية، هناك هيأة إدارية للنادي من الشخصيات الرياضية ومحبي الرياضة وبدورهم يعتمدون على لاعبي النادي في مهام أنجاح برامج العيد ويوزودون بعلامات في ألبستهم وكنت أحد اللذين يشاركون بذلك، فكان النادي يعمل من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثامنة مساءً وكانت الألعاب هي الدومبلة وجر الحبل وطولات كرة المنضدة وأحياناً كرة السلة للناشئين، ولعب أخرى وكان النادي يمتليء طوال الوقت ولمختلف الأعمار من الطفولة الى الشباب وبأشراف الهيئة الأدارية، ويذهب ريع النادي لشراء المستلزمات الرياضية ومساعدة بعض اللاعبين المعتازين، وفي خارج النادي هناك عربة المأكولات والعنبة، ولعب اللكو والسي ورق حيث لها روادها من يحبون المقامرة والغشمة الذين يتم أصطيادهم.
*- أما المراجيح ودولاب الهواء والزحليكة والفرارات فتنصب في الساحات طيلة أيام العيد وفي الأماكن الأكثر شعبية كما في النصة(النزيزة) وفي الكسرة وقرب ساحة الكشافة وفي الكم(راغبة خاتون) وكانت الألعاب في ذلك الزمن نضيفة كنضافة المدينة في حينها، فترى الأطفال فرحين وصياحهم الطفولي وهم يؤدون بعض الأغنيات الخاصة طوال الوقت، كما تتواجد هناك الحمير وأحياناً الخيل لركوب الأولاد، كما توجد عربات نضيفة ومزينة تجرها الخيل لركوب الأولاد وتسمع أغنيتهم المفضلة وهي(هذا سايقنا الورد هسة يوصلنا ويرد)، أما الحدائق فهي صغيرة ومرتبة وانيقة مليئة بالورود والشجيرات والمساطب، وفي زماننا لم تكن هناك حديقة الزوراء والقناة، ولهذا تذهب العوائل الى حديقة النعمان وأم الربيعين والرحبي لقضاء بعض الوقت مع عوائل المنطقة وهناك أيضا دولاب الهواء والمراجيح.
*- وتبقى سينما الأعظمية مكاناً جميلاً لمشاهدة فلمين مرة واحدة وبمعدل كل ساعتين، وتشاهد مالو(بتاع كلو)هو الحارس والمنظف ولاصق أعلانات الأفلام بهندام العيد والكل يعرفه، وهو من عاش وسكن سينما الأعظمية من الصغر، وفي ذلك الزمان كانت أفلام طرزان وسبارتاكوس والان لاد والكاوبوي وقيصر وطروادة وفلاش كوردن وروبن هود هي السائدة، أما الكبار من الشباب فيذهب الى سينمات باب الشرجي وشارع الرشيد، وفي الساحة القريبة من السينما وحديقة النعمان يجب أن تتذوق عمبة وبيض رزوقي الذي يريك بأن عمبة العيد تختلف عن العمبة السابقة وللضحك يقول أنها ليست شريس، في حين تبقى عمبة قاسم خلف نادي الأعظمية بجودتها وأصالتها ومن البرميل المصنوع والمستورد من الهند ومع لحم الروست أو البيض والذي ينفرد بها قاسم وكل له شعبيته بالتصنيع والتقديم.
*- تفتح المقاهي أبوابها منذ الصباح وحتى ساعات متأخرة من الليل طيلة أيام العيد حيث أن قسماً منها يفتح بعد العصر في الأيام الأعتيادية، ومن المألوف أن يضع صاحب المقهى الحلقوم أو الجكليت في صينية يأخذ منها الزبائن عند الدخول بعد التهنئة مع صاحب القهوة ولا يوجد من يقدم الكليجة من أصحاب المقاهي وأنما يجلبها الزبائن محطوطة في منديل نضيف ويتباها بها على أنها الأجود والأحسن، من يرتاد المقاهي الرجال والشباب اليافعين ولا وجود للأولاد مكاناً فيها تبعاً للعادات والتقاليد التي لا تسمح بذلك... تسمع أغاني أم كلثوم في أغلبها، وكذلك الأغاني العراقية الجميلة للكنبنجي ويوسف عمر وناظم الغزالي وكذلك أغاني عبد الوهاب وفريد وعبد الحليم، وقسم من المقاهي يعتمد على أغاني الأذاعة فقط لعدم وجود آلة تسجيل، كما أن أغلب المطاعم الصغيرة المشهورة تقدم خدماتها من الصباح وحتى منتصف الليل، حيث كانت تقدم خدماتها من العصر في الأيام الأعتيادية والمشهور منها كباب هبوبي الذي يخدم الزبائن أفراد عائلته حميد ومصطفى وبناته الصغار فأنه يقدم الطماطة والبصل المشوي والزلاطة بدون ثمن أيام العيد، مرتدين ملابس جديدة .
وإذا أشتقت أن تسمع أغاني فريد الأطرش مساءات العيد فالهاوي وحيد يعرفه الأعظميون لصوته العذب وقد أختبر في ركن الهواة ونجح في الأختبار يتجول في دروبها وأزقتها ليذرع المكان وهو حالم بفريد وروعة غنائه، فحتما ستقرأ على الوجوه المستمعة ملامح الحب الفطري لهذه المنطقة الممزوجة بالحياة والالق، كأن الحالة تذكرنا ايضا وتشد بنا لنرحل معهم إلى مراسي تلك الأيام حيث كتبنا ما أختزنت ذاكرتنا لنبضات الحياة اليومية لها، وكيف كانت تعبق بحب المكان وحب أحداث وشخوص ذلك المكان، فحضرت الأعياد وذكرياتها المتدفقة والتي قمنا بما أستطعنا بتدوينها على حقيقتها يوم أن كانت القلوب مليئة بالنقاء والصدق والوفاء والأصالة مما تجعلنا نشم رائحة الكليجة الخارجة من الأفران بالصواني الجميلة واللمة الحلوة والفرح الجماعي كما عشناها خوفاً من الضياع وزوال بريقها الجميل، وحتماً سنكون اليوم برفقتهم من خلال ما كتبنا لبعض من تفاصيل أيام العيد قديما ومنها ما كان سلوك مجتمعنا آنذاك لنكتشف ماضي جميل من سلم حياتنا هذه التي تدفعنا للحنين والشوق إلى الماضي بكل تفاصيله.

المصدر: موقع خواطر خالد عوسي

السبت، 22 يونيو 2013

تاريخ محلة الأعظمية



الأعظمية في العصور القديمة:
كان اسم بغداد معروفا قبل اتخاذها عاصمة من قبل المنصور، حيث كان فيها سوق عظيم يجتمع في المواسم عنده التجار من مختلف الانواع ويسمى سوق بغداد... وهنالك في التاريخ دلائل تشير الى تسمية بكدادو و بكدادا على الواح طينينة قديمة قبل واثناء الحكم الساساني...

وقد بنى المنصور مدينته على الجانب الغربي (الكرخ)،ويقع في المقابل منه (الرصافة) قرية تسمى سوق الثلاثاء، وكانت عند الشمال من القرية منطقة تدعى قطيعة المخرم، والتي كان الى الشمال منها مقبرة قديمة، والمنطقة هذه هي : الأعظمية الحالية.

                                            الجسر العائم القديم في الأعظمية

وكان يجاورها منطقة الشماسية التي تسكنها النصارى وتكثر فيه الأديرة.. وبعد إعمار بغداد وقت العباسيين بدأ جانب الرصافة يتوسع شمالا.. وقد دفن الامام ابو حنيفة النعمان (رضي الله عنه) هناك وصارت فيما بعد تسمى: محلة الامام الأعظم ابي حنيفة النعمان، وكانت تجاورها محلة تسمى (سوق يحيى) هي محلة السفينة حاليا... كما نشأت محلتا الخضيرية والشماسية شمالا.وقد اشتهر موقع باب الشماسية المؤدي الى طريق (سر من رأى) وهي سامراء بشهرة قصور خالد وابنه يحيى.. كما اشتهر ايضا" العهد البويهي بشهرة القصر الذي بناه مُعزّ الدولة هنا، وهو الشهير باسم الدارالمُعِزيّة..وكانت في محلة الشماسية (دار الروم) واكثر مساكن المسيحيين.وسميت دار الروم نسبة الى الاسرى الروم الذين انزلوا فيها بعهد الخليفة العباسي المهدي.
وقد وصف ابن جبير في رحلته الى بغداد سنة 580هـ1184م الجانب الشرقي بما يلي: ((وبأعلى الشرقية خارج البلدة محلة كبيرة بإزاء محلة الرصافة كان باب الطاق المشهور على الشط وفي تلك المحلة مشهد حفيل البنيان له قبة بيضاء سامية في الهواء فيه قبر الامام أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه، وبه تعرف المحلة.)).
ووصف ابن بطوطة بغداد بزيارته 727هـ 1327م وذكر المساجد التي تقام الجمعة فيها وهي جامع الخليفة، وجامع السلطان، وجامع الرصافة (بالاعظمية) وبينه وبين جامع السلطان نحو الميل وبقرب الرصافة قبر الامام ابي حنيفة (رض). ويسمى الجانب الشرقي من بغداد بباب الطاق (نسبة الى اسماء بنت منصور) وجانب الرصافة ويسمى عسكر المهدي.. والآن لم يبق من المكان سوى الجامع ومقابر الخلفاء ومحلة ابي حنيفة.


             


   صورة للجامع وما حوله من مقبرة الخيزران في عام  ١٨٩٠ م ، تقريبا

اما سوق يحيى فيشير المقدسي الى انها كانت قرب مشهد الامام ابي حنيفة ،وكانت الدكاكين عالية، وفيه دقاقون وخبازون وحلاقون ..وعلى امتداد الطريق الصاعد شمالا من سوق يحيى يقع سوق خالد وهو الآخر لايبعد عن مرقد الامام ابي حنيفة، وعلى مقربة منه سوق صغير. وهناك اسواق اخرى في الاعظمية مثل: سوق الثلاثاء، وسوق باب الطاق، وسوق العطش الذي هو بين الشماسية والرصافة تتصل بمسناة معز الدولة.



    

   مشهد  أبي حنيفة النعمان في الاعظمية التقطت الصورة في عام ١٩٠٩م

اما الباب الشمالي فيسمى باب السلطان نسبة الى السلطان طغرل بيك الذي دخل بغداد من هناك.. وكان يقع هذا الباب عند باب المعظم الحالي على مسافة من جامع السلطان في المخرم (العيواضية) وعنده سوق يدعى سوق السلطان... وقد سمي باب المعظم بهذا الاسم لكونه يعتبر ابتداء الشارع المؤدي لمحلة الامام الاعظم أبي حنيفة النعمان.. وبقي الباب حتى عام 1923م حين هدم... ومحل الباب تحديدا اليوم بين قاعة الشعب وجامع الأزبك.
وفي سنة 653هـ 1255م وقبل سقوط بغداد وقعت فتنة بين اهل محلة الرصافة ومحلة ابي حنيفة..


وفي 614هـ 1271م فاض نهر دجلة وغرقت مناطق من بغداد منها مشهد ابي حنيفة وبعض الرصافة وجامع السلطان وبعض مناطق في جانب الكرخ.

                صورة مقبرة الخيزران وجامع أبي حنيفة النعمان في السبعينيات من القرن الماضي



 
الأعظمية في العصور الحديثة:
جاء العثمانيون إلى بغداد عام 1534م بعد أن تمكنوا من طرد الفرس منها، وإهتموا بمشهد الامام الاعظم ومدرسته التي بنيت عام 459هـ 1066م من قبل الملك محمد بن منصور الخوارزمي.. وجدد البناء عدة مرات وشهد الجامع اصلاحات زمن السلطان سليمان القانوني 941هـ 1534م والسلطان مراد الرابع 1048هـ 1638م حيث جيء الى الاعظمية ببعض من قبيلة العبيد وهم على الغالب من البو علي والبو حسن.. وفي عهد الوالي سليمان باشا 1757، وعام 1874 بأمر السلطانة ام السلطان عبد العزيز.





وعند دخول الانكليز بغداد عام 1917م كان عدد نفوس الاعظمية (المركز) يبلغ حوالي الفين ونيف (في محلاتها الرئيسية وهي الشيوخ والنصة والحارة والسفينة) عدا الاطراف..
وكانت الاعظمية إداريا" ناحية في العهد الملكي، وقد بدأ التوسع في المركز عام 1930 من جهة السفينة حيث انشئت محلة هيبت خاتون، ومن جهة النصة حيث محلة راغبة خاتون، كما أفتتح شارع عشرين عام 1931، وبدأ العمران يتوسع تدريجياً.
وفي العهد الجمهوري اصبحت الاعظمية قضاءً، وتضاعف عدد سكانها بعد أن كان في تعداد عام 1947 بحدود 58 الف نسمة، وفي تعداد عام 1977بلغ اكثر من 150 الف نسمة، ويقدر عدد نفوسها اليوم بأكثر من 300 الف نسمة.

تواريخ مهمة لمدينة الأعظمية ومحلاتها:
1905 تم نصب أول ماكنة ماء في الاعظمية من قبل السيد مراد سليمان شقيق حكمت سليمان في محلة الصليخ على نهر دجلة لسقي البساتين والمزارع العائدة لهما.
1910 قبل بداية الحرب العالمية الأولى أقام الوالي ناظم باشا سداداً حول بغداد الشرقية لحماية الجزء الشرقي من المدينة من الفيضانات وتعرف بسدة ناظم باشا.

1919 اهداء ساعة الحضرة الكيلانية ذات الوجهين إلى جامع الإمام الأعظم لتصليحها ونصبها فيه، وقد قام الحاج عبدالرزاق محسوب الاعظمي بالتعهد بتصليحها ولم تنجح محاولاته.


1920 حصلت موافقة الأوقاف على صنع ساعة جديدة بدلا من الساعة القديمة التالفة، وبدأ تنفيذ المشروع في بيت (معمل) الحاج عبد الرزاق محسوب الاعظمي في الاعظمية محلة الشيوخ. وقد وضع تصميما جديدا لساعة ذات أربعة وجوه، وبعد عمل دؤوب استمر عدة سنوات وبمساعدة أولاده محمد ورشيد وعبدالهادي تم إكمالها بتاريخ 28/12/1929 وقدمها هدية إلى الأوقاف ولأهالي الأعظمية بدون مقابل، وما زالت تشتغل حتى اليوم.


1920 احتفل الاعظميون بثورة العشرين في مقهى (فرج بوش) وكانت المقهى على (مياه وهاب) في شط الباشا وان أول من رفع راية الثورة هو المرحوم (محي الدين الحلي).


1921 في نيسان احتفل الاعظميون في حديقة قصي ناجي الخضيري وأعلنوا مبايعة الأمير فيصل الأول ملكا على العراق، وهي أول بيعة صدرت للملك في العراق. وفي اليوم الثاني ذهب وفد من أهالي الاعظمية برئاسة رئيس البلدية الشيخ علي ظريف لمقابلة الملك واطلاعه على توقيع الناس وقد شكرهم الملك، وفي الجمعة التالية جاء الملك لزيارة جامع وكلية الإمام الأعظم.


1922 وضع الملك فيصل الأول حجر الأساس لجامعة آل البيت (دار المعلمين الابتدائية سابقا) والحجر الأساس للمقبرة الملكية لتكون قبة الجامعة وان يدفن الملك تحت قبة الجامعة تكريماً للعلم.
1922 تم إنشاء مشروع ماء الاعظمية وهو مشروع أهلي أنشأه رئيس البلدية المرحوم مصطفى السيد أمين الاعظمي.
1923 بناء البلاط الملكي في منطقة الاعظمية على ضفاف نهر دجلة وعلى شارع الإمام الأعظم في الكسرة.
1924 تم انشاء ملعب الكشافة في الاعظمية (منطقة الكسرة)، وهو الملعب الوحيد الذي زرعت أرضيته بالثيل، وكان يسمى (نادي الكشافة والألعاب الرياضية) وظل حتى يومنا هذا يواكب الرياضة الكروية والألعاب الأخرى ويعرف باسم (ملعب الكشافة).
1925 تم إنشاء مشروع كهرباء الاعظمية وهو أيضا مشروع أهلي للمرحوم مصطفى السيد أمين الاعظمي (المشروع بدأ سنة 1932).

1928 تم إنشاء (نادي الرياضة والأدب) في الاعظمية وكان أعضائه المرحومون عبد الرزاق نعمان الاعظمي والشاعر حسين علي الاعظمي وكمال إبراهيم وعبد الحميد حمدي وعواد معروف وحسين علي ظريف وإسماعيل الغانم.
1930 بدأت أول دائرة للبريد وتقع بين جامع الإمام الأعظم وباب كلية الشريعة ، وهي عبارة عن غرفة صغيرة. بعد الحرب العالمية الثانية شيدت لها بناية جديدة ، وقد هدمت وأصبحت الآن ساحة لوقوف السيارات كبغداد العريقة بتاريخها، لاسماء محلات ومناطق الأعظمية أصولها التاريخية التي سنحاول في هذه الصفحة معرفتها.



ومحلات الاعظمية القديمة هي :-

* محلة الرصافة، ومحلة باب الطاق ،ومحلة الدور، ومحلة الامام ابي حنيفة ومحلة سوق يحيى (السفينة) والخضيرية ..وتعتبر هذه المحلات مركز او حي الاعظمية حاليا.
* محلةالشماسية: وهي شارع الضباط والصليخ والكريعات والدهاليك وسبع ابكار، وكان فيها مساكن المسيحيين.
* محلةالمخرم: وتضم محلة نجيب باشا والكسرة والعيواضية.
وقد اقيم سور يدعى سور المستعين سنة 251هـ 865م وهو سور منطقة الاعظمية الذي ضم المحلات الثلاثة اعلاه.. وهدم في القرن الرابع الهجري.
و بعد سقوط بغداد 656هـ 1258م خُرّب الجانب الشرقي، من الشماسية الى المخرم وخرب السور... وامتازت تلك الفترة بإنتشار الاوبئة والفيضانات والطاعون وسوء الحال واضطراب الآمن.

محلة النصة:
سميت بذلك لانخفاض أرضها عن سائر محلات الاعظمية، ولذا فانها كانت معرضة للغرق بماء (النزيز) على الدوام.
محلة السفينة:
سميت بذلك منذ اكثر من قرن ، نسبة الى سفينة كانت ترسو هناك كل ثلاثة أشهر تقريبا .. وكان الأعظميون القدامى يتجرون معها، بما يقومون بصنعه من جلود زصوف زعباءات.
محلة الشيوخ:
سميت بذلك نسبة الى شيوخ قبيلة العبيد الذين نزلوها وبنوا فيها دورهم ومحالهم عند مجيئهم قبل ومع السلطان مراد الرابع سنة 1048هـ 1638م.
محلة رأس الحواش:
هي جزء حديث مضاف الى محلة النصة، وأنشئ سنة 1931، ويشير اسمها الى انها كانت تمثل آخر عمران الأعظمية، وبعدها كانت ثمة بساتين تمتد حتى باب المعظم في بغداد.
محلة الحارة:
أصلها بتخفيف الراء، وتعني المحلة، لانها بنيت بعد الخراب والطاعون اللذيّن حلاّ بالاعظمية سنة 1831 ثم تحول اسمها مع مرور الزمن ليلفظ بشكل (حــارّة) بتشديد الراء.
الكريعات:
تقع في أعلى الجانب الشرقي ، على شاطئ دجلة ، سميت بذلك نسبة الى عشيرة الكريعات العربية التي نزلت هنا أبان العصر العثماني.
الصليخ:
تصغير صلخ ، والصلخ هو نصف البئر الكروية التي تبنى على حافة دجلة وتسقى منها البساتين والمزارع.. ويسمى هذا النصف صلخا وكانت في العصر العباسي جزءا من محلة الشماسية.
الشماسية:
موجودة منذ العهد العثماني، وسميت باسم الشماسية نسبة الى الشماسيين وهم خدم الكنائس، حيث كان فيها الكثير من الكنائس والأديرة.
راغبة خاتون:
سميت بذلك نسبة الى احدى سيدات بغداد في اواخر العصر العثماني وكانت هذه الارض التي نشأت عليها المحلة من املاكها.
هيبت خاتون:
سميت بذلك نسبة الى سيدة صالحة كانت تسكن الاعظمية في اواخر العصر العثماني، وكانت قد تملكت هذه الارض ، ووقفت جزءا منها على مدرسة أنشأتها هناك، ودفنت فيها سنة 1919، فعرفت الارض، وما نشأ عليها من دور باسمها.
نجيب باشا:
محلة في طريق الاعظمية، سميت باسم محمد نجيب باشا الذي تملك أرضها في أثناء ولايته على بغداد سنة 1258هـ - 1264هـ 1842-1849م واليه نسبت المحلة فيما بعد.
الكسرة:
تسمية اخرى لمحلة نجيب باشا، سميت بذلك نسبة الى الكسرة التي حدثت في سدتها من جهة النهر بسبب فيضان دجلة سنة 1925.
الوزيرية:
محلة أنشئت على ارض زراعية واسعة، تملكها بعض ولاة المماليك في بغداد في أوائل القرن التاسع عشر، كانوا يلقبون بالوزراء، (والوزير هنا رتبة عثمانية تسند الى كبار الموظفين، وبخاصة الولاة في الولايات المهمة) فنسبت اليه.
العلوازية:
وتسمى العيواضية، والصحيح ان اصل اسمها (الايلوزية) نسبة الى بستان لرجل، من أهل أواخر العصر العباسي، ويدعى (ايلواز) فعرفت المنطقة به فيما بعد، وهي تعد (في ذلك العصر) جزءا من محلة المخرم، احدى اهم محلات بغداد آنذاك.
الصرافية:
منسوبة الى مالكها وهو احد الصرافين، وكانت تعد في العصر العباسي جزءا من محلة المخرم.



أهم مساجد الأعظمية:
يوجد في الأعظمية وضواحيها الكثير من الجوامع والمساجد منها :-
* جامع الإمام الأعظم (أبي حنيفة) : وبني سنة 375 هـ.
* مسجد الشيخ جلال: (وهو الشيخ جلال الدين محمد بن الشيخ محمد الحنفي الكوفي)، ويقع في سوق الأعظمية الكبير القديم.
* مسجد ملا خطاب: وهو في الحقيقة جامع محمد الجلبي الأعظمي وكان امامه الملا خطاب، ويقع في محلة الشيوخ.
* مسجد نوح: يقع في رأس الجسر وقد نقض عند بناء الجسر القديم سنة 1925م (ويعود الى عائلة نوح بالأعظمية).
* مسجد الشابندر: في محلة السفينة، بني عام 1357هـ (ويعود الى محمود الحاج محمد سعيد الشابندر).
* مسجد حسن بك: يقع بمحلة السفينة(قرب شارع سعدة).
* جامع الحاج صالح أفندي: في محلة السفينة قرب الجسر القديم وبني عام 1959.
* جامع النداء: يقع في راغبة خاتون شارع أبي طالب مقابل المعهد القضائي، وبني عام 2001.
* جامع الدهان: ويقع قرب ساحة عنتر في محلة نجيب باشا مقابل ثانوية الحريري للبنات وبني عام 1953.
* جامع العساف: ويقع في شارع الضباط راغبة خاتون وبني عام 1956.
* مسجد عائشة الحيدري.
* مسجد شمسي.
* جامع العاني: بناه المرحوم عبد الهادي العاني ويقع في الوزيرية مقابل المكتبة المركزية لجامعة بغداد، قرب معمل القطن الطبي، بني عام 1963.
* مسجد سبع ابكار: يقع في الصليخ - سبع ابكار بني عام 1965.
* جامع الرواس: يقع في حي القاهرة، بني عام 1964.
* جامع الصليخ الجديد (الفرقان): وبني عام 1965.
* جامع العمري: في الوزيرية قرب المجمع العلمي العراقي، بني عام 1965.
* مسجد بشر الحافي: (والأصح هو بشر الحنفي)، ويقع في محلة الحارة خلف جامع الإمام الأعظم.
* مسجد الحاجة نشمية: يقع في بداية شارع عشرين بني عام 1939.

* مسجد الحاج ارزوقي العنبر : ويقع في محلة الشيوخ قرب شارع عمر بن عبد العزيز، بني عام 1954.
* مسجد راغبة خاتون.
* جامع الصديق : قرب ثانوية كلية بغداد وأنشئ عام 1965.
* مسجد الراوي : قرب مستشفى النعمان، بني عام 1954.
* مسجد ومدرسة الحاجة هيبة خاتون: يقع على شارع الأمام الأعظم (حالياً مهجور) وقد شيّدَ في عام 1918.
* مسجد فخام: (ابن الحاج انيس) يقع قرب شارع عشرين،وبني عام 1948.
* مسجد الحاج نعمان: يقع في محلة النصة (بين شارع عمر وشارع عشرين) وقد شيّد عام 1980.
* مسجد الحاجة خديجة: ويقع مقابل حديقة النعمان.
* جامع الصليخ : وقد شيّد عام 1952.
* مسجد الأنبياء: يقع في بداية شارع الضباط وقد شيّد عام 2000.
* جامع عادلة خاتون: يقع في العيواضية قرب جسر الصرافية شيد عام 1963.


 

فلم وثائقي عن الأعظمية


الجمعة، 19 أبريل 2013

تاريخ سكن قبيلة العبيد في الأعظمية في عهد السلطان العثماني مراد الرابع 1638م

صورة مأخوذة من الطائرة لموقع الجامع والمقبرة في عام ١٩٥٣م.

أثناء الحكم الصفوي في بغداد تمت ولمرات عدة هدم مشهد الامام أبي حنيفة وتحطيم المدرسة بسبب الفتنة الطائفية.
وقد لقي المشهد والمسجد بعض العناية من قبل الملك محمد بن منصور الخوارزمي بعد مجيء العثمانيون إلى بغداد عام 1543م
وشهد ذلك العام إصلاحات من قبل السلطان سليمان القانوني ، فعند عودة السلطان من زيارته لكربلاء والنجف زار قبر الامام ابي حنيفة الذي كان مهدما فأمر بإعادة تشييد القبة وإعمار الجامع والمدرسة وأمر كذلك بتعمير دار ضيافة وحمام وخان وأربعين إلى خمسين دكانا حوله ، ثم أمر ببناء قلعة لحراسة الجامع والمدرسة والمنطقة ، ووضع جنودا بلغ عددهم نحو مائة وخمسون ومعهم معدات حربية ومدافع لحماية المكان
وكانت بعد ذلك إصلاحات أخرى على يد السلطان مراد الرابع عند دخوله بغداد عام 1048هجري الموافق عام 1638م حيث جاء معه إلى الاعظمية بعض من قبيلة العبيد وسكنوا حول ضريح الامام الاعظم.


صورة جامع أبي حنيفة النعمان عام ١٩٠٩م.


صورة الأعظمية قبل عام ١٩٢٠م.


صورةالجامع قبل عام 1910م.


آثار تهديم سور مقبرة الخيزران في شارع سعدة خلف الجامع بعد الغزو الأمريكي في شهر نيسان عام ٢٠٠٣م



تاريخ جامع الإمام الأعظم من عهد المماليك والعهد العثماني إلى الوقت الحاضر





في عهد المماليك وتحديدا الوالي سليمان باشا (ابو ليلة) جدد المرقد وأنشئت المنارة والقبة عام 1757م. وعام 1291هـ (1874م) جدد بناء الجامع بأمر السلطانة والدة السلطان عبد العزيز.وقد بقيت مدرسة الامام الاعظم المدرسة الوحيدة في الاعظمية إلى جانب بعض الكتاتيب لتعليم القراءة والكتابة حتى سنة 1918م حيث أعيد اعمار الجامع وتنظيم المدرسة التي سميت كلية الاعظمية ثم دار العلوم الدينية والعربية ثم كلية الشريعة ثم كلية الامام الاعظم. وكانت هناك بعض إعمال الترميم خلال العهد الملكي.
وبعد ثورة الرابع عشر من تموز تم بناء برج اسطواني بارتفاع 25م وكسي بالفسيفساء الأزرق والأبيض ليكون جاهزا لاستقبال ساعة الاعظمية التي نصبت عام 1961م



                                                          وفي عام ١٩٧٣م قامت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بإكساء البرج
صفائح من الألمنيوم المضلع باللون الذهبي،  وكانت هناك كذلك بعض إعمال الترميم خلال ثمانينيات القرن العشرين




شارع الإمام الأعظم.. تاريخه.. أخباره.. محلاته :-


فلم فيديو يوضح موقع الجامع ونبذة تاريخية عنه من تصوير قناة الجزيرة الفضائية

شارع الإمام الأعظم.. تاريخه.. أخباره.. محلاته :-

شارع الإمام الأعظم أو ما يعرف عند أهل الاعظمية شارع (رأس ألحواش) هو شارع طويل يمتد من جامع الإمام أبي حنيفة إلى ساحة عنتر ويضم على جانبية عمارات ومحلات مختلفة ، ما يؤدي الى صعوبة وصفه لكثرتها ، وللتغير المستمر الحاصل بها ، كما ان الذكريات حوله تتغير من شخص الى آخر لأن ما يدركه او يعرفه شخص يختلف عن شخص آخر ما يعني صعوبة الكتابة حول هذا الموضوع ، لذلك فإننا ما نكتبه هنا قطعاً ليس جميع المعلومات بل ما ادركناه او سمعنا به و نعمل وفق القول المشهور (ما لا يدرك كله لا يترك جله) وندعو الآخرين إلى المساهمة في هذا العمل لكي يظهر بشكل كامل وجميل يليق بعراقة هذا الشارع وأهله.. ولابد لنا قبل ان ننطلق في هذا الشارع ان نبين للقارئ سبب تسميته(شارع الإمام الأعظم) وهو نسبة الى الإمام ابي حنيفة ويلقب (الإمام الأعظم ) و الشارع مشهور لدى الناس (رأس ألحواش) لأنه لم يكن بين طريق الاعظمية وباب المعظم دور إلا البلاط الملكي في الكسرة و في منتصف شارع رأس الحواش توجد بعض بيوتات الأعظمية فعند مجيء الباص من بغداد ينادي سائق الحافلة (الباص)رأس ألحواش ، أي اوائل البيوت، لينزل من شاء من الركاب، فجرى هذا الاسم على السن أهل الأعظمية والناس وعرف واشتهر به بين الناس. وشارع رأس الحواش لم يكن بمثل هذا السعة او الحجم ولكن كان شارعا بسيطا يربط بين الاعظمية وبغداد، لأن الاعظمية كانت تعد من القصبات التي تقع خارج بغداد ومحاذية لها فلا بد أن تحتاج الى شارع يربط بينهما يسهل على أهلها الذهاب والمجيء الى بغداد ويسهل للزائرين أو القادمين من بغداد الى الاعظمية. وسنسير في شارع رأس الحواش ابتداء من جامع الإمام أبي حنيفة إلى أن نصل إلى ساحة عنتر وتكون للقادم من الكاظمية على جهة اليمين. ونحب أن نذكر أن جامع الإمام أبي حنيفة قد مر بمراحل تطوير كثيرة وكبيرة عبر الزمان حتى بلغ هذا الشكل الجميل والفخم وقد أضفى موقع جسر الأئمة الذي يربط الاعظمية بالكاظمية مكانة مهمة وأصبح معلماً لا يمكن تجاهله. وقد كانت البيوت تحيط بجامع الإمام أبي حنيفة إلى أن تم تهديم ما حوله في أواخر الستينيات من القرن المنصرم، فأصبح تحيط من حوله الساحات أو حدائق الجسر ولم يبق متصلا إلا بمقبرة الاعظمية ، وكانت أمامه ساحة دائرية فيها النافورات لها شكل جميل وقد تم إزالتها من أجل تنظيم الشارع بالصورة المعرفة عليه الآن و استحدث نفق يصل بين جانبي الشارع والنفق اليوم مهمل ووسخ. فإذا ابتدأنا المسير وخرجنا من جامع الإمام أبي حنيفة باتجاه ساحة عنتر فما أن نعبر الشارع الذي أمام الباب الرئيس للجامع سنجد اليوم ساحة وقوف السيارات كان في ركنها المقابل للجامع شركة الصباغ لنقل الركاب لصاحبها أحمد جميل فرج تنقل الناس من الاعظمية إلى الرشيد وسينما الخيام وعلى يمين الشركة قليلا مقابل كلية الإمام الأعظم الآن منزل عائلة الدكتور بشار عواد معروف صاحب التحقيقات النفسية ولعل أهمها (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي) وقد طبع في 14 مجلداً وهو عمل ضخم وكبير نهض به هذا البغدادي الأصيل ثم ترك بغداد وأهلها وهو يدرس الآن في الأردن ولا نريد أن نتوغل في هذا لأنه يخرجنا عن الموضوع لذلك سنعود أدراجنا ونكمل المسير . وبعد شركة الصباغ تأتي مقهى عباس حسن كافر وهي مقهى شتائية وواجهتها زجاج ثم تحولت إلى صيفية ولم يبق لها أثر فقد أقيمت مكانها بناية جمعية منتدى الإمام أبي حنيفة تأسست سنة 1968م وعند تأسيسها استأجرت الجمعية دارا لها في الفرع المؤدي إلى النصة وقد ترأس هذه الجمعية الدكتور ناجي معروف وهو عم الدكتور بشار عواد، واستمر رئيساً لها منذ تأسيسها الى وفاته أي من 1968- 1977 م والدكتور ناجي استاذ في التاريخ وله عدة مؤلفات وهو صاحب نزعة قومية عروبية حتى انه ألف كتابا من 3 أجزاء عنوانه (عروبة العلماء المنسوبين إلى البلاد الأعجمية) للرد فيه على ابن خلدون الذي ادعى ان علماء المسلمين أكثرهم من الاعاجم، فبين ان أكثر علماء المسلمين من أرومة عربية، ثم تولى من بعده الأستاذ يوسف المعماري ثم الأستاذ عبدالهادي عواد ثم الدكتور محمد محروس الاعظمي مدة عشر سنوات تقريبا وكان له مجلس عامر فيها مساء كل سبت ثم جاء من بعده الأستاذ عبدالحكيم الحلبي وبعد وفاته رحمه الله تولى رئاسة المنتدى نجله إبراهيم الحلبي ونتمنى له التوفيق في مسعاه. وقد انتقلت جمعية منتدى الإمام ابي حنيفة إلى مكانها الحالي المطل على شارع الإمام الاعظم في الثمانينيات واستمر بناؤها طويلا وعند الانتهاء من بنائها حصل تشقق وتصدع في سقف المبنى، ما أثار الرعب لدى الناس فوضعوا شريطا أمامها يمنع مرور الناس والتجمع تحتها ولا سيما ان موقعها يتجمهر الناس فيه للركوب في الباصات الصغيرة (الكوستر) القادمة من الكاظمية والذاهبة إلى باب المعظم، وقد ظن البعض انها ستنهدم في أي لحظة بسبب ذلك التصدع، ولكن هذا لم يحصل وما زالت البناية واقفة وتعلوها قبة صغيرة تواجه جامع الإمام أبي حنيفة، وبجوارها مصور القيثارة لصاحبها إبراهيم عبدالكريم كاكا وهو من أهالي الاعظمية المعروفين ببيت كاكا ومنهم الشاعر والاديب وليد الاعظمي ولهم محل آخر للتصوير في شارع عشرين يعرف (زهير كاكا) ولهم في سبع ابكار محل (الوسام) للتصوير. وبعد مقهى حسن كافر كانت هناك مجموعة من المحلات منها حلاقة محمود ومكوى ناجي وصيدلية الجسر لصاحبها جلال مجيد حسون وقد انتقلت هذه الصيدلية إلى الأمام عندما أزيلت تلك المحلات، وبعد قليل نجد عمارة حلت مكان عدة محلات ويوجد فيها اليوم شركة أبراج المدينة لصاحبها محمد يحيى وإذا ما تقدمنا في المسير فإننا سنجد محل زكي الساعاتي وكان مؤذنا في جامع الإمام أبي حنيفة وله صوت جميل في الاذان وقد توفي رحمه الله وابنه عمر زكي مؤذن وقارئ في جامع النداء في حي القاهرة، وقد ترك ابنه الأخر المحل وذهب إلى تركيا واخذ المحل عبدالوهاب الساعاتي وضمه الى محله للساعات وتجاور هذه المحلات صيدلية الاعظمية وأصبحت محلها اليوم صيدلية الصوفي وهي كبيرة ونظيفة. وفوق هذه المحلات كان الدكتور سمير محمود نديم والدكتور عبدالرسول صاحب وهو مدير مستشفى النعمان سابقاً وهو من أهالي الكاظمية، وقد توفي رحمه الله ثم في ركن هذا الشارع تسجيلات ندى لصاحبها ماجد قاسم لطيف الاعظمي وقد ترك المحل، ويقابل تسجيلات ندى بريد الاعظمية وبينهما فرع صغير يؤدي الى الساحة المقابلة لجامع الإمام ابي حنيفة، وقد تم هدم البريد ومازال ساحة فارغة لوقوف السيارات ويجاور البريد عمارة تعود للأوقاف في أسفلها مسجد عائشة الحيدري ويقال في الأصل كانت مسجداً صغيراً وسقاية ومقبرة لإل الحيدري ثم أهملت، وابان الحرب العراقية الايرانية كان يتخذها الجيش الشعبي نقطة للحراسة ومن بينهم الشيخ عبدالغفار العباسي رحمه الله فسعى لدى الاوقاف لإعادتها الى سابق عهدها وتحويلها الى مسجد صغير وهي اليوم مسجد صغير، يتولى الإمامة فيه الشيخ يحيى معتوق الاعظمي وهو من القراء الذين يجيدون القراءة البغدادية وله صوت ندي وفوق المسجد مكاتب وبجوار المسجد محل كبير كان لبيع الجبس ويسمى (وايت هورس) وهو الآن محل لبيع المرطبات وإذا ما انتهينا الى هنا فإننا نصل إلى فرع كبير يكثر فيه الدلالون بسبب قرب هذا الفرع من المحكمة وكاتب العدل وإذا ما عبرنا فان أول ما يوجهنا عمارة كبيرة تابعة للأوقاف كانت في الاصل مدرسة هيبة خاتون الدينية، وفي جانب من المدرسة مسجد تقام فيه الصلوات الخمس، وعند وفاة هيبة خاتون دفنت في مدرستها وقبر هذه السيدة الفاضلة موجود في احدى المحلات في العمارة وقد هدمت المدرسة والمسجد وانشئت الأوقاف عمارة مصرف الرافدين فرع الاعظمية وقد أزيل وبجوارها عمارة فيها قيصرية تضم عدة محلات، بعد ذلك نصل الى محل ساعات قحطان السعدي ويوجد بعد محل الساعات فرع صغير يؤدي بك مباشرة الى محكمة الاعظمية ويوجد داخل هذا الفرع الاسكافي (مصطفى ميرزة) أو (مصطفى الركاع) وهو مصارع كبير حصل على العديد من الأوسمة أيام شبابه وهو الآن كبير في السن وله محل صغير أخرجه من بيته، وقد أهمل كما أهمل الرياضيون الاخرون. وكان محله السابق في منطقة الشيوخ قرب نصيف الحلاق وقد سألته مرة لماذا لم تنل مكانة مرموقة في الرياضة ؟ فقال لأني مو لوكي) وقد انتقل مؤخرا من الاعظمية إلى كرادة مريم، وفي الركن الثاني من هذا الفرع الضيق مصلحة المبيعات الحكومية التي تبيع للمواطنين الشاي والسكر والطحين.واليوم تقوم محلها حلويات ليالي حلب لصاحبها علي حسين طه الحلبي وبجوارها كانت أحذية دجلة وفوقها مكتب الخطاط مقداد شاكر الملقب (شيخ اللافتة) لسرعة خطها وعدم سيلان الصبغ منها عند خطها، ثم يأتي محل نادية المختص ببيع الملابس الرجالية والنسائية وصاحبه من أهل الموصل، بعد ذلك واجهة عريضة داخلها محلات من جهة اليمين والشمال تعرف لدى الناس بالجمعيات و تسمى جمعيات خير الله طلفاح تباع فيها مختلف الحاجات حتى أنها وزعت قطع أراض للمواطنين في أيام عزها . والأراضي وزعت في منطقة حي تونس وقد أطلق على تلك المنطقة (الجمعيات) وهي بقرب دائرة الشؤون الثقافية في سبع ابكار وجمعيات طلفاح عبارة عن محلات عادية كان لي فيها صديق خطاط يشكو قلة العمل بعد الاحتلال، وان الخطاط يقتصر عمله على كتابة اللفتات للأموات ما اضطره لأن يخط أي شيء يطلب منه فجاءه بعض طلاب الكليات وطلبوا منه أن يخط لهم لافتات تندد بالطائفية وتسييس الجامعات وما شابه ذلك، لأنهم يعتزمون الخروج بتظاهرات داخل الجامعة حول هذا الموضوع فما كان منه إلا أن اخذ تلك أللافتات وذهب بها الى بيته لأنه يصعب عليه ان يخطها في محله فلما جفت قام بوضعها في السيارة لإحضارها إلى المحل وعند وصوله إلى السيطرة قرب جامع النداء قاموا بتفتيشه وعثروا على تلك اللافتات واقتيد الى الاعتقال واتهم بدعم الإرهابيين، وحكم عليه 7 سنوات بالسجن، وعبثا حاول افهامهم بانه خطاط وان ما كتبه لافتات ليس فيها ما يمس أمن الدولة، وبعد قضاء 3 سنوات في السجن (وزع كومه فلوس) صدر العفو فاخلي سبيله وترك محله والمهنة، وبجانب الجمعية صيدلية الاهرام لصاحبها سمير عبدالكريم الجبوري وهو من أهالي الكاظمية الكرام تعرض للاغتيال عدة مرات، ولكن الله نجاه وحفظه من السوء. ثم يأتي بعد ذلك محل اولاد إسماعيل نعوش وهو وكالة للشركة الإفريقية مختصة ببيع الأجهزة الكهربائية وقد تغير المحل الآن وفي الركن خياط نسائي واليوم صيدلية الجسر التي مر ذكرها ثم إذا ما تقدمنا الى الامام فاننا نتجاوز فرعاً عريضا فيه بعض المحلات وعندما نصل الى ركن الفرع المطل على رأس الحواش فسنجد أسواقا غذائية لرجل كردي من مدينة أربيل بعد ذلك مصور النعمان ثم تسجيلات أنغام الفن للحاج أحمد، واليوم تسجيلات واحة الألحان، فمحل كبير للأحذية والمشهور بأحذية دربي لسعدي العزي، وقد تغير هذا المحل ثم صيدلية النعمان ولم يعد لها وجود ثم يوجد فرع صغير غير نافذ فيه بعض الشقق والمكاتب ثم في بداية ركن هذا الفرع حلويات وصفي لصاحبه عبدالحسين الشكرجي وتم اعدامه في بداية حرب ايران والى الامام منه كانت صيدلية العودة لصاحبها حسين طه والذي اعدم في 1979م مع البعثيين الذين اعدموا في تلك السنة، وفي الركن يوجد محل كبير لأحذية (باتا) وهي تقريبا تقع منتصف رأس الحواش وركن وتطل على الشارع المؤدي إلى المقبرة الملكية ومن يقف في بداية هذا الشارع يمكنه بسهولة رؤية المقبرة الملكية التي ضمت رفات ملوك العراق الذين سفك دمهم بغير وجه حق، ومن بعدهم لم نر الخير كأن قتلهم كان لعنة إصابت العراق وأهله ما زالت تطاردهم. ومحل أحذية باتا أفضل نقطة دالة في رأس الحواش لشهرته ولموقعه. ولي قصة طريفة معه فزوجتي ليست من أهالي الاعظمية، ولكنها تشتري الملابس من رأس الحواش وكثيراً ما أصف لها بعض المحلات أو الأماكن عن رأس الحواش فأقول لها: قبل باتا، بعد باتا، يم باتا، وعجزت أن أرشدها إلى مكان أحذية باتا فما كان مني إلا إن وقفت في أحد الايام بقرب محل أحذية باتا وأشرت الى المحل وقلت من هنا يعتبر قبل أحذية باتا ومن هنا بعد أحذية باتا وامام وحول أحذية باتا يعتبر (يم باتا) والحمد لله قد عرفت الآن. ولكنني أشفق على القارئ الآن هل سيتمكن من معرفة الاماكن التي نذكرها نحن الآن، وأنا الذي عجزت عن ارشاد زوجتي؟ اتمنى ذلك. وكنا إذا أردنا شراء الأحذية فان أول محل نبحث فيه أحذية باتا فإذا لم نجد ما نريد بحثنا عند غيره، لأن أحذيته قوية ورخيصة.

مقال للدكتور (هيثم عبد السلام محمد) .












مقبرة الخيزران ومحلة الإمام أبي حنيفة النعمان في بغداد



     
                                   صورة للجامع مأخوذة من الطيارة عام 1935م

     

مقبرة الخيزران:
      هي مقبرة الأعظمية في بغداد وتعرف حالياً بمقبرة الأمام الأعظم حيث إنها تحيط بمسجد الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، الذي دفن فيها عام 150 هـ/767م، وهذه المقبرة قديمة العهد وهي أصل مدينة الأعظمية، وضمت كثيراً من رفات فقهاء  المسلمين ومراجع العلم والدين.

توفي الإمام أبي حنيفة النعمان عام 150هـ ، في مدينة بغداد عاصمة الخلافة العباسية في زمن الخليفة أبو جعفر المنصور ودفن في مقبرة شمال بغداد سميت فيما بعد بمقبرة الخيزران نسبة إلى الخيزران بنت عطاء زوج الخليفة المهدي ووالدة  الخليفتين هارون الرشيد والهادي والتي توفيت ودفنت هناك عام 173هـ.


                                             الجامع وما حوله منظر ماخوذ من الطائرة عام 1953م.
محلة الإمام ابي حنيفة:

بني جامع عام 375هجري وبنيت عنده مدرسة كبيرة، ثم في عام 459هـ، (1066م) 
بني مشهد وقبة على القبر وعرفت المنطقة الواقعة في جوار المشهد باسم محلة الامام أبي حنيفة وكان التدريس في المدرسة قاصراً على العلوم الدينية وقد وصف إبن جبير في رحلته إلى بغداد سنة 580هـ (1184م) الجانب الشرقي من بغداد بما يلي:
"وبأعلى الشرقية خارج البلدة محلة كبيرة بإزاء محلة الرصافة كان باب الطاق المشهور على الشط وفي تلك المحلة مشهد حفيل البنيان له قبة بيضاء سامية في الهواء فيه قبر الامام أبي حنيفة وبه تعرف المحلة."
ووصف الرحالة أبن بطوطة بغداد بزيارته عام 727هجرية ، وذكر المساجد التي تقام الجمعة فيها وهي جامع السلطان وجامع الرصافة بالاعظمية وبينه وبين جامع السلطان نحو الميل وبقرب الرصافة قبر الامام أبي حنيفة
ولولا وجود مشهد الامام أبي حنيفة ومدرسته في بغداد لكانت المنطقة أندثرت وزالت بعد سقوط بغداد ودخول هولاكو كما اندثرت مناطق عديدة من معالم بغداد القديمة .

صور لجامع أبي حنيفة النعمان رحمه الله